السر في السر

"السر" هي احدى رائعات الشيخ يوسف الخال الشعرية التي جادت بها انامله المبدعة فنجده يبحث و يغوص و يكتب في موضوعات تمس النفس الانسانية , موضوعات تحث الانسان على التأمل والتدقيق والبحث و التأمل . في هذه الرائعة الشعرية ذات الطبيعة الميتافيزيقية ، يتناول الشيخ يوسف مواضيع عدة بعضها تجريدي لا يمكن اعطائها صفة الوجودية المادية .

" السر"

انتهت رحلة البحث

عن مجنونٍ عاقلٍ

يَعرفُ سِرّ البَشَر

فمِنُهم المجنون..

و مِنهُم العاقل..

ذاك في سِره يبحَث

كيف انتهى..

والعاقل في عَقلِهِ يَعرف

أنَّه رَحلْ..

لكي يبدأ. مَع البشر

من جديد رحلة البحث

عن مجنونٍ عاقلٍ

يَعرفُ سِرّ الله...

هذه هي الحياة

دورة تُعاد وتُعاد..

بلا كَلَلٍ.. بِلا مَلَل.

ما أجملك يا عقل

وما أكبركَ يا الله...

من ناحية الموضوعية الشعرية تقسم هذه القصيدة على قسمين . كل قسم يتناول قضية معينة مختلفة عن الاخرى و لكنها تصب في بحر اعلم الميتافيزيقيا. ففي الشق الاول للقصيدة و تحديدا من البيت الأول الى البيت الثالث عشر يتناول شيخ يوسف موضوعة معرفة الله وادراكه ، اي انه يقصد بقوله في هذه الابيات اننا لن نعثر على مجنون و عاقل فنتني الوقت نفسه وان معرفة الله الكاملة غير متاحة لا للعاقل و لا للمجنون الا اذا اتحد العقل و الجنون معا و هذا من المستحيلات لأننا نعرف الله بالقلب وندركه ببصيرة العقل و هذه هي فكرة شيخ يوسف في الشق الاول من القصيدة.

ثم ينتقل شيخ يوسف الى موضوع اخر في القصيدة وهي موضوعة الحياة و الموت في انهما دورة و نظام اوجده الله و بأنها دورة تعاد مرارا ً وتكراراً دون كلل .

روعة القسم الثاني من هذه الرائعة يتجلى في تمجيد شيخ يوسف لسر عظمة الله و خلقه للإنسان و جعل عقله بهذه الهيئة التامة الخلق حين قال " وما أكبركَ يا الله... و في هذا البيت "ما أجملك يا عقل" يتغنى الخال في جمال عقل الانسان من خلال تعظيمه للخالق الذي خلق العقل بهذا الابداع الكمالي.